saadahnews

ليس هناك تسوية بين المؤمنين والفاسقين

{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة:19) ضيافة وإكرام أيضا بما كانوا يعملون بأعمالهم ليكرر على مسامعنا أهمية الأعمال وأي أعمال هذه؟ هي الأعمال الصالحة ومن الذي يرسم لنا، ويخط لنا بنود قائمة الأعمال الصالحة؟ إنه الله سبحانه وتعالى فيما يهدينا إليه في كتابه وعلى لسان رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، هذه هي الأعمال الصالحة.

فإذا ما وقف الآخرون منك وقالوا: لا، العمل الصالح هو أن تسكت؛ لتحافظ على مصالح فلان أو فلان، لتحافظ على مصالح الدولة الفلانية، أو يوهمونك أن سكوتك حفاظ على مصلحة الشعب وأنت ترى أن السكوت هو عمل سيء، وباطل وإنما يريدون منك أن تضحي بالدين من أجل مصالح الآخرين سترى أمامك قائمة من الأعمال هم يخطونها بأيديهم ثم يقولون لك: التزم بها إنها أعمال صالحة؛ من منطلق الحفاظ على مصلحة كذا على كذا.. الخ.

الأعمال الصالحة هي التي تضمنها القرآن الكريم ودعانا إليها، ودعانا إليها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله). ودعانا أهل البيت إليها هي الأعمال الصالحة.

{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}(السجدة: من الآية20) يؤكد بأنه ليس هناك تسوية بين المؤمنين والفاسقين {فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} مرجعهم، {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}(السجدة: من الآية20) وعندما يقول: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا} أليس هذا يوحي ويدل أيضاً على أنهم في حالة رهيبة، في شدة عظيمة يحاولون الخروج من جهنم؟ لكنها تلك التي قال الله عنها: {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ}(البلد:20) مغلقة أبوابها {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} (الهمزة:9) {عَمَدٍ} من الحديد {مُمَدَدَةٍ} توثق وصد أبوابها، وكلما حاول أولئك وهم يتحركون لمحاولة الخروج من جهنم ضربوا أيضاً بمقامع من حديد {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا}(السجدة: من الآية20) هم أولئك الذين كانوا هنا في الدنيا، كلما أراد أنبياء الله أن يخرجوهم من ذلك الواقع المظلم أصروا على البقاء فيه.

من كانوا إذا جاء من يعمل على إخراجهم من الظلمات إلى النور أصروا على البقاء في الظلمات، أصروا على البقاء في الشر لا يريدون أن يخرجوا إلى النور، لا يريدون أن يخرجوا إلى ميدان الأعمال الصالحة، إذاً فهم من سيحاولون أن يخرجوا من جهنم ثم لا يمكن أن يخرجوا, وكلما حاولوا وجدوا الأبواب أمامهم موصدة، ووجدوا خزنة جهنم أمامهم يضربونهم بمقامع من حديد.

أنت تريد أن تخرج من جهنم؟ أخرج هنا في الدنيا من تلك الأعمال التي قد تؤدي بك إلى جهنم فتحاول الخروج فلا يمكنك الخروج {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}(السجدة: من الآية20). تكذبون بصريح قولكم, أو تكذبون برفضكم في واقعكم, وقد يكون المكذبون في واقعهم أكثر بكثير من المكذبين بمنطقهم؛ فـ{ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (السجدة:21).

هذه الآية تنص على أنها سنة إلهية، أن الأعمال السيئة في هذه الدنيا يحصل من ورائها الإنسان على نوع من العذاب. وكلمة عذاب شاملة في هذه الآية، أو عامة في هذه الآية. تحدث كثيراً في آيات أخرى عن أنواع كثيرة من العذاب التي يلقاها الناس على أعمالهم السيئة هنا {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}؛ لأنه رحيم سبحانه وتعالى، عندما يذكرنا بما يخوفنا من جهنم؛ لأنه يريد أن لا نقع فيها، عندما يضع عقوبات هنا في الدنيا عسى أن تردعنا هذه العقوبات عما يوصلنا إلى العقوبة الخطيرة، العقوبة الدائمة، جهنم، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} إنها من رحمة الله أيضاً أن يوجد عقوبات هنا للناس في الدنيا على أعمالهم؛ لأنه هكذا قال: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} الأقرب هنا في الدنيا قبل عذاب الآخرة {دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} الذي هو جهنم، أي يذوقون العذاب هنا فيما بينهم وبين العذاب الموعود جهنم، عسى أن يرجعوا، عسى أن يحسوا بوطأة العذاب، ويستشعروا أنه عقوبة فيدفعهم ذلك إلى العودة إلى الله في المقام الذي تنفع فيه العودة إليه فيرجعون إليه.

وهذا هو الوعيد في هذه الدنيا الذي ألغي من أفكارنا، من أذهاننا الذي فهمناه فهماً مغلوطاً، أنه واقع الحياة، وأنه طبيعة الحياة، وأنه هكذا على هذا النحو جبلت الدنيا حتى أصبحنا لا نتذكر، أو لا نقيّم الحالة التي نحن فيها: أنها ربما قد تكون عقوبة، فنتذكر حينئذ أن علينا أن نرجع إلى الله {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

ولأن آيات الله سبحانه وتعالى هي بالشكل المهم لها قيمتها الكبرى التي تستطيع أن تترك آثاراً كبيرة في نفوس الناس، وتستطيع أن تبين لهم الكثير من الحقائق في واقع حياتهم، وأن تدفعهم إلى الأعمال الصالحة، ليكونوا في مصاف المؤمنين، الخاشعين لله، المسبحين بحمده، الذين لا يستكبرون، يكون واقع من يعرض عنها، واقع الخسارة العظيمة, الظلم العظيم لنفسه، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ}(السجدة: من الآية22). آيات ربه، هي آيات، وهي آيات من ربه الرحيم به الرؤوف به {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا}(السجدة: من الآية22) أعرض عنها لا أنها هي غير قادرة على أن تؤثر في نفسه، إنما هو الذي يعمل على أن يعرض عنها.

ومن أظلم من هذا؟! من أظلم منه لنفسه؟! من أظلم منه في موقفه السيئ أمام ربه المنعم عليه، الرحيم به. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}(الكهف: من الآية57) نسي ما قد قدم، ونسي ما هو فيه من سوء الحال وهو يعرض! أن هذا من أسوأ ما تقدمه يداه ليلقي آثاره السيئة في الحياة، ويلقى العقوبة العظيمة عليه يوم القيامة {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} (السجدة: من الآية22) هو مجرم, ولأنه ليس هناك وسيلة أخرى أبلغ وأعظم وأكثر تأثيراً في نفسه من هذه الآيات التي أعرض عنها فواقعه إذاً مجرم هو مجرم والمجرم هو ذلك الذي لا يستحق إلا الانتقام منه {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومن عباده الذين قال عنهم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة:17).

وأن يرزقنا فهماً لدينه، وفهماً لكتابه الكريم، وأن يعيننا على أنفسنا، فيبصرنا في هذه الدنيا ما نستضيء

به الأعمال الصالحة فننطلق فيها بإخلاص رجاءً لرضوانه، وأملاً في القرب منه،

وفي أن نحظى بجنته التي وعد بها أولياءه، إنه على كل شيء قدير.

دروس معرفة الله

#وعده_ووعيده_الدرس_الثالث_عشر

#ألقاها_السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي

بتاريخ: 5/2/2002م ‏

اليمن – صعدة

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

التعليقات مغلقة.