saadahnews

ارتباط أهل اليمن برسول الله محمد

مقالات | 18 نوفمبر | بقلم / عدنان قاسم علي قفلة :
تطل مناسبة مولد الهدى والنور , مولد رسول الله ، المولد النبوي الشريف محمد ابن عبدالله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم واليمانيون في كل عام يجددون ولاءهم لله ولرسوله , مبتهجين بهذه المناسبة العطرة , يرسمون بذلك لوحة فريدة لا تجد لها نظيراً في أي مكان في العالم الإسلامي .

وليس بمستغرب على اليمانيين أن يبتهجوا بهذه المناسبة العطرة , فهم من لم يحاربوه ولم يخذلوه , وهم من بايعوه ونصروه , وهم من صدقوا به وبرسالته من أيامها الأولى ,وهم من أمتدحهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله نتيجة بهذا التصديق والإيمان .

إن اليمانيين على مدى التاريخ الإسلامي الرسالي العظيم ليجسدون أقوى عرى الإيمان ويصورنها في أجمل صورها , من خلال التمسك بالدين المحمدي الأصيل , فلم تنطلي عليهم خزعبلات الدخلاء , ولا ثقافة الغرباء , فكانوا على مدى التاريخ نعم الجند ونعم المدد كما وصفهم رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

فحينما بُعثَ محمد صلوات الله عليه وعلى آله بالهدى والنور بشيراً ونذيراً , حاربته قبيلة قريش وحاصروه وآذوه نتيجة لجهلهم به ولسوء الانحطاط الذي كانت قد وصلت إليه تلك الأمة فكانت أمة جاهلة أميّة وفي ضلال كبير , فلم يدركوا عظيم النعمة التي أنزلت مع رسوله صلوات الله عليه وعلى آله قال الله تعالى عنه وعنهم { هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّنَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَاياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }[ سورة الجمعة : 2 ] , فكان مستمراً في الدعوة إلى الله ونشر الحق وإعلاء كلمة الله وإزهاق الباطل فلم ييأس ولم يتوان ولم يقصر , وهو يدعوهم كان يتألم لواقعهم وما مروا به من فساد وضلال وضياع وتيه قال الله تعالى حاكياً عنه وعن مشاعره { فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَّفْسَكَ عَلى ءَاثارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }[ سورة الكهف : 6 ] فحاصروه في شعب بني طالب سنوات طويلة , وآذوا كل من آمن به وصدّق برسالته , حينها كان معشر الأنصار بانتظاره ليكون قائداً لهم وهم بذلك مؤمنين برسالته , مصدقين بمبعثه , مجندين أنفسهم له صلوات الله عليه وعلى آله , فأمره الله رسوله بالهجرة إلى قبائل الأوس والخزرج اليمانية المستقرة بيثرب , فكانوا خير الأنصار والمناصرين ونعم الرجال ونعم المؤمنين وكان هو صلوات الله عليه وعلى آله خير نعمة امتن الله بها على عبادة المؤمنين قال تعالى { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَاياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }[ سورة آل عمران : 164 ].

وحينما أستقر الحال برسول الله في المدينة المنورة وقبل فتح مكة ما يعني أن ذلك كان في السنة السابعة من الهجرة أي بعد صلح الحديبية سنة 6 هجرية وقبل فتح مكة سنة 8 هجرية أرسل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الإمام علي عليه السلام إلى اليمن عدّة مرات فآمنوا بالله وبرسوله على يديه فور وصوله إليهم فارتبط اليمانيون بالإمام علي عليه السلام منذ دخولهم الإسلام بدون قتال ولا تهديد ولا وعيد كما حدث لبقية شعوب الأرض , وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سلامة فطرة اليمنيين ومصداقاً لقول الرسول صلى الله وعلى آله الطاهرين حين قال : ( أتاكم أهل اليمن أرقّ أفئدة وألين قلوبا الإيمان يمان والحكمة يمانية ) وفي رواية (والفقه يمان ) .

لقد تجسد إيمان اليمانيين قولاً وفعلاً منذ دخولهم في الإسلام , من خلال مشاركاتهم بقوة في الغزوات التي حدثت في حياة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله , وكان لهم الدور الأبرز في تلك الغزوات والفتوحات ففي أحدى الروايات أنه لما قدم أهل اليمن على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إلى المدينة قال رافعا صوته : ‘ الله أكبر الله أكبر جاء نصر الله و جاء فتح الله و جاء أهل اليمن فقال بعض الصحابة : ‘ و ما أهل اليمن ؟! ‘ فقال صلى الله عليه و على آله: ‘ قوم نقية قلوبهم و لينة طباعهم … الإيمان يمان و الحكمة يمانية هم مني و أنا منهم .

واستمر ارتباط اليمانيين برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في تفرد كبير عن بقية الشعوب وكانوا له العون والمدد وخير الأنصار فكان منهم خيار الصحابة وأشجع الفرسان وكان يحترمهم ويعطيهم مكانتهم بل ويدعوا لهم في السر والعلن وفي إحدى الروايات كما جاء عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أنه قال
( اللهم بارك لنا في شامنا و في يمننا ‘ ( ثلاثا ) .. فقالوا : و في نجدنا يا رسول الله ؟؟ فقال : ‘ منه الزلازل و الفتن و منه يطلع قرن الشيطان ‘ )

وهو صلوات الله عليه وعلى آله من لا ينطق عن الهوى فقد بارك الله في اليمن ، فكان منهم عمار بن ياسر ومنهم الفضلاء والعظماء من الأنصار وكانوا هم أنصار الإمام علي صلوات الله عليه فمنهم مالك الأشتر النخعي كما أن غالبية من كانوا مع الإمام الحسين عليه السلام ومن استشهدوا معه كانوا من اليمن وهذا مصداق قول رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله حيث قال ( إني لأجد نفس الرحمان من هاهنا وأشار إلى اليمن)

إن هذا الارتباط الذي يجسده اليمانيون في مناسبة مولده صلوات الله عليه وعلى آله تطبيقاً لقول الله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيراً مما يجمعوا) من خلال الابتهاج بذكرى مولده صلوات الله عليه وعلى آله وتعبير اليمانيون بتميز عن غيرهم ليعد إحدى صور ذلك الارتباط العظيم , فهم يعبرون عن ذلك ومنذ القدم بالأهازيج والمواعظ وإقامة الأمسيات , وكتابة الشعر والتجمعات في المساجد ومنذ القدم .

أما في الزمن الحاضر في زمن المسيرة القرآنية, وفي حين أن بقية الشعوب تحتفل بمناسبات ما أنزل الله بها من سلطان أتت من خارج الثقلين ومن الثقافة المغلوطة, بات اليمانيون يعبرون عن هذا الارتباط القوي من خلال أكبر احتفالية في العالم الإسلامي بذكرى مولده صلوات الله عليه وعلى آله , يلقي في هذه المناسبة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي خطاباً بالمناسبة يكون عبارة عن خارطة طريق تخرج الأمة من أزماتها في خطاب قرآني عالمي شامل , بالرغم من كل ما يمر باليمنيين من أزمات وكوارث يفتعلها أعداء الأمة في سبيل صد اليمانيين عن هذا الهدى والنور إلا أنهم يأبون إلا التعبير بكل وسيلة عن هذه الفرحة وحضور المناسبة بكل قوة مهما بلغت التضحيات .

وفي هذا العام الذي ستقام المناسبة في خمس مدن كبرى وهي صنعاء وصعدة والحديدة وإب وذمار ستكون بإذن الله مناسبة تعبر عن مدى ارتباط اليمانيين عن رسول الله وتمسكهم به , وعن فشل مؤامرات الأعداء عن إقامة هذه المناسبة من خلال تخطي العوائق الاقتصادية والأمنية بتنظيم كبير , وحشد مهيب , وحضور فاعل إن شاء الله تعالى .
وصلى الله على نبيينا وسيدنا و قدوتنا محمد وعلى آله الطاهرين.

التعليقات مغلقة.