saadahnews

سلسلة وثائقيات أدب الصمود اليمني ضد العدوان …مع الشاعر نبيل القانص

  • وثائقي لجميع قصائد الشاعر نبيل القانص خلال مدة العدوان على اليمن

  • نازحٌ في مكاني

نبيل القانص

نازحٌ في مكاني تهدَّم ليلُ المُحاصرِ فوقَ الحكايةِ رتَّبتُ في داخلي المفرداتِ التي بعثَرَتها الحروبُ لتبقى تعابيرُ وجهي عليه…

وقَفْتُ..

و كان وقوفي كفاصلةٍ بين سطرٍ و دهر

و قلتُ لنفسي :

أخيراً ولدتُ

و أخرجتُ رأسي من الموتِ

كالوعدِ أكثرَ مما توقَّعتُ

أكثرَ مما حَكَتْ زهرةُ البُنِّ للفجرِ

عن سببٍ لعبورِ المشاهدِ عن سببٍ للبقاء ِ

على جنتينِ

وعن هدهدٍ ..

سوفَ يحمِلُ أخبارَنا من جديد.

***

كان لي منزلٌ ….

هكذا قالَ صمتُ الحُطامِ

فقاطعهُ الحائطُ المتبقي ..

بظلٍ

بسورةِ يس

بالذكرياتِ

بسبحةِ جدي

بصورتنا العائليةِ …

كلُّ الدلالاتِ تهذي و تمحو الغيابَ بلطفٍ

و كلُّ الملامح أكبرُ من حجمها …

لمْ يعدْ للمكانِ سوى قَدَري

لم يُغيّرهُ شيءٌ ..

يفكِّرُ في كلِّ مَنْ غابَ عنهُ

و يُشعِلُ شمعَتَهُم كلَّ عيد.

***

يا مرايا

الوجودِ يُزاحِمُني

الزيفُ فوقَ الخريطةِ

فوقَ التصوُّرِ

لكنني نازحٌ في مكاني

نجوتُ من القصفِ

كي أستعيدَ لحُلمِ السنابلِ أنفاسَهُ

ولكي أحملَ البُندُقيَّةَ والانتماء

وأمضي إلى ما وراءِ الزمانِ

يُظَلِّلُني شَغَفي والنشيد.

نبيل القانص

ننصبُ ميلادَنا كالخيام

ثائرون …

كغابات حلمٍ كثيفٍ تسيرُ

على صوتِ (زاملها) بسلام . …

ثائرونَ تُسَوِّرُ أنفاسَنا الريحُ

نعشقُ أكتافنا

وهي تحمِلُ شتلة ضوء

و سنبلة حقل بنٍ و لوزٍ ملائكة يحملون الورود ،

و صحو الجداول تحت حفيف الأماني

يُبلسِمُ جرحَ الترابِ ،

هديلٌ رشيقٌ على كل رأسٍ و قبعةٌ من غمام . …

ثائرونَ

خرجنا معا من مخيلةِ اللاوجودِ

إلى أملٍ واسعٍ كصدورِ المساكينِ

فيهِ نكونُ

و يخضَرُّ ملمَحُنا فيهِ

ننصبُ ميلادَنا كالخيام . …

ثائرونَ لنا وطن لا ينامُ

بغيرِ المهديء بين نشازِ الكوابيسِ

بين احتضارِ المعاني

و قهر النهايات

و هي تشاطرُهُ الخبز و الحزن تغفو على جرحهِ فيصيرُ شتاءً طويلا

يقولُ لأولنا و لآخرنا :

أولا أنا روزنامة الحبِّ مشتى الكمنجاتِ إنْ شئتَ وثِّق على نبضتي قصةً للشروقِ الحريريّ أو غايةً في البياضِ بحبرِ النَّدى ،

و أخيراً أفكّرُ ألّا أعودَ إلى الخلفِ

ما دامَ في الروحُ سربُ يمام .

———– نبيل القانص

مقطع من وداع

……. ……. كمعنى العِناق الأخيرِ ستهذي بأنفاسِ غيركَ تُكْمِلُ منحوتة الحُزنِ ثم تقولُ لها :

علميني البكاءَ على ما مضى

ترجمي لي شعورَ الرُّكامِ

لأفهَمَهُ قبلَ أن ترتمي لحظة الموتِ

في صدرِهِ بجنونٍ

و بعد اكتمالِ تجاعيدِهِ في وجوهِ الضياعْ.

***

نُغادِرُ ..

لكن كأنّا التقينا

و من أجلِنا يخلطَ الطينُ ألوانَه ُ

بالدموعِ كعادتِهِ في الحروبِ

و يبذُلُ للريحِ كلّ احتمالاتهِ ..،

فاصنعي أمَلاً للمُقيمينَ في دارِنا

و لأطفالِنا الحالمينَ بِخُبزِ البراءةِ غنّي لَهُم :

(موطِني .. موطِني …. )..،

بعدَ ذلكَ ..

عودي إلى صمتكِ الأبدي هُنا ..

لا يجوزُ الوداعْ.

نبيل القانص

نبيل القانص …………………………………………………..

مطرُ الخريفِ مسالمٌ يا زهرة

وُلِدَتْ على قبرِ الشهيدِ

كأنها ردٌ على أحزاننا

و على طوافِ حنيننا حولَ اسمهِ ..

يا قطرةَ الدَّمِ حين أمسَتْ قطرة العطرِ السماوي

اسمحي للأرضِ أنْ تُفشي جداوِلَها

لتلتئمَ الصدورُ و أشعلي شمسا ..

جدائلُها تُشيرُ إلى الحياةِ ..،

لقد تجَمَّعْنا لكي يمضي بنا الإيقاعُ في الدربِ الذي عِشنا لِنَسلُكَهُ و ننمو فيه كالأشجارِ أحياناً

و كالإعصارِ في الوقتِ المناسبِ

حين ننوي أن يثور الغيبُ

في وجهِ السوادِ

و حين نعرِفُ أننا لُغَةُ الضياءِ ،

لنا صباحٌ خالصٌ

و لنا هُتافٌ حيكَ مِنْ سَخَطِ النجومِ

لنا العذاباتُ التي سَقَطَتْ وِصايتُها

فداستها النهايةُ

و النهايةُ و النهايةُ

قبلَ أحذيةِ الجُنُود المخلصين. ………………………………………………….. نبيل القانص

ما بعد زخات الخريف

تذكارات الحرب ………………….

هم أحياء و طيبون للغاية يتجمعون في زاوية مظلمة يتقاسمون الخوف و الأناشيد الوطنية

و تتسابق أيديهم إلى يدِ الأم كي تمدهم بما تبقى مِن ألوانها الطبيعية ،..

تلمعُ الحربُ من النافذة كأنها تلتقطُ لهم صورا تذكارية قبلَ أن تهاجم و تعُض . ..

مازالت صلواتهم تخترق الدخان بمناقيرها و تعود إليهم بزهرِ السماء . ..

مازالوا يضحكون و يبكونَ و يئنونَ في انتظارِ أن تتعثر الحربُ بركامِ أحلامهم .

نبيل القانص

أرضُ الرياحين

إلى الحبيبة يَمَن

تحتَ قصفٍ عنيفٍ تُسبِّحُ أرضُ الرياحينِ باسطةً جُرحَها لِتُقَبِّلَهُ قطراتُ المطرْ . ..

لِسُمُوِ البنادقِ و هي تُعانِقُ أكتافنا قصةٌ للكرامةِ منقوشةٌ

خلفَ كُلِّ العواصفِ محفوفةٌ بالحياةِ و نبضِ الجبالِ ..

هُنا آيةُ الانتصار هُنا غُصة الانكسار هُنا الجنتانِ هُنا قطعةٌ من سَقَرْ . ..

هُنا أذِنَ اللهُ أن ينتشي الطينُ حينَ وقفنا عليهِ

بأحلامِنا و هي تنزفُ طُهرا و صبرا ..

فأنتم لكُم غزوة جمعتْ كلَّ أحزابها

كل أوهامها

و تساقُطِها

و ارتجافاتِ أقدامِها

و لنا وطن

كلَّما اتفقَ الإنسُ و الجنُّ أن يخنقوهُ

تَنَفَّسَ تاريخَهُ و انْتَصَرْ .

صعدة .. رمّانةٌ و روح

نبيل القانص ٥يناير ٢٠١٦م

لِمَن سيزورُ المدينة أتركُ رمانةً و مخيلةً للمُحَلِّقِ قُربَ مواجدِها و سلاماً بكل اللغات التي احتَرَقَتْ..،

هيَ لم تشتكِ مِن شظايا السوادِ التي ثَقَبَتْ روحها الأبدية.. لم يَنكَسرْ نَفَسُ اللهِ فيها .. و لم تختنقْ بغبارِ العواصِفِ ..، ثمة طيرٌ يُقاسِمُها أنَّةً .. و يمدُّ لها غَزَلاً ناعماً مثل غيمٍ و ظِل .

لمن سيزورُ المدينةَ حزنٌ من الدَّمِ و الطينِ بعدَ الدَّوِيِّ المُحَرَّمِ ..، قطعةُ أرضٍ سماويةٍ لحضورٍ يُطيلُ التأمُّلَ ..،

أطلالُ مزرعةٍ و مقابرُ تَعرِفُ زوارها من بعيدٍ

و تعرِفُ أرملةً لشهيدٍ تَصُبُّ على قبرهِ دَمْعَها و تقولُ:

هنيئاً ..

هنيئاً ..

لقد نِلْتَها مَرَّتين .

و كلُّ انتظارٍ ..

عميقٌ كجُرحٍ و كلُّ انتظارٍ .. رجاءُ الهديلِ المُعَطَّرِ وجهُ الحنانِ الأمومي يخجَلُ مِنْ طِفلةٍ في الركامِ ..

تُنَوِّمُ دُمْيَتَها بالأغاني ..

تُحَدِّثُ نَجْمَتَها : سيعودُ أبي مِنْ وراءِ السِّياجِ ليَحضِنَني أو لأحضِنََهُ و أزُفَّ لهُ آخِرَ الأُمنيات .

إحداثية …………

أربعةُ جدرانٍ و بابٌ في صدري ..

أُخرُجوا بسرعةٍ أيها السُّجَناء مِن نَفْسِ الطعنة التي تتنفسونَ منها الهواءَ و الإشاعات المُغرِضَة ..

توَزَّعُوا بين الكواكبِ و الفُقاعات بين عُلَبِ الهدايا و قاعاتِ العزاء بين مواقدِ الأخشابِ و الليالي الشتويةِ الطويلة بين ضمائر اللغة و خُوذِ الجنودِ و جيوبِ اللصوص .

***

يا لوحةَ العبيرِ التي تَلعَقُها ألسنةُ اللهبِ و نهدا رسَّامةٍ في ضمةِ وئامٍ مُتَخَيَّلَ..، فكِّري بمكانٍ آمنٍ أو حربٍ باردةٍ أو حائطٍ مطليٍ بالحزنِ فوق سريرٍ مهجور .

***

تُمطِرُ و نمشي في غاباتٍ عارية بِلا بندقيةٍ و ريشة ، فقط أنتِ امرأةٌ بمشاعر قطنيةٍ بيضاء ، فقط أنتِ .. مَنْ ستسكُنينَ معي في بيتِ شِعرٍ و تبزُغينَ قُبلي مِنْ تنهيدةِ لون .

***

أتَذكرُ رقمَ حظـِي و أينَ أنا .. و أنا ابنُ النسيانِ و المكانُ المحطَّمُ على هذه الأرض، أضيعُ .. و أنا قنديلٌ صغيرٌ تُمسِكُ بهِ ساقطة أؤمِنُ بجسدكِ الذي ينزفُ نشيداً حماسياً و أنا الثائرُ المشبوه .

……………………………. نبيل القانص ٢/٢ /٢٠١٦م

C.V ……………………

بعدَ أن أَتَقَدَّمَ في الحُزن ..

مَنْ سيلمسُ التجاعيدَ في أوراقي و الغيومَ في وجهي؟..

*** أحتاجُ إلى نجمةٍ تُناديني لأتذكَّرَ اسمي أو لألتَقِطَ أوَّلَ نَفَسٍ منه ..،

أحتاجُ إلى أنامِل تُزَوِّرُ توقيعي لأَصِلَ إليَّ عبر خطوطهِ بعد كل هذا السَّفَر .

*** يا صنعاء النائمة في يدِ الله بعيونٍ صافيةٍ

تراني في أحلامِها أحُكُّ رأسي باحثاً عن شكوكٍ و أجوِبة ..،

حالِماً بنافورةِ عسلٍ أمامَ بابِ اليَمَن / بِرُتْبَةٍ ذهبيةٍ على كتفِ (نُقُمْ)

/ بِحَلَمَتينِ ماسيتينِ لــنهديكِ

/ بِصُراخِكِ الثوري الذي لن يذهبَ هَدرا ..،

أنا ابنكِ المُنْهَكُ مِن رَحلاتِهِ الطويلةِ نِمتُ ما يكفي في العُطَلِ و الأعيادِ في الحُروبِ و الهَدَن .. تناولتُ خيبتي بهدوءٍ يلسَعُ القلبَ في أجواءٍ ممطرة و أنا أضعُ وردةَ نيسان وراء أُذُني أمُدُّ رقبتي للمطرِ و أقولُ : هيا اذبحني .

…………………………………. نبيل القانص

٢٩ ابريل ٢٠١٦م

التعليقات مغلقة.