saadahnews

أرقام وحقائق عن فيروس “كورونا”..متى يُصبح مميتاً؟

سرعان ما يتبادر الى ذهن البعض لمجرّد أن تُفتح سيرة فيروس “كورونا” صورة الوفاة. تلك السيرة التي أضحت حديث العالم، تكاد لا تُطوى، فكل ما حولنا بات يهمس بهذا الوباء الطارئ. خوف وهلع يسودان العالم الذي يعيش حالة تأهب تكاد تكون غير مسبوقة بفعل هذا الميكروب الجديد. إلا أنّ الحديث مع أهل الاختصاص قد يُبيّن حقيقة الكثير من الشائعات والمقاربات المغلوطة. فما يراه هؤلاء انطلاقاً من خبرتهم في الأمراض الجرثومية، يختلف عما نراه نحن الأشخاص العاديون. تشخيصهم للفيروس ولبواطن الأمور يختلف عن قراءتنا للظاهر، ولبعض حملات التهويل التي تُمارس. يتّفق هؤلاء على عدة أمور يعتبرونها أساسية: أولاً، الفيروس خطير نظراً لسهولة انتقال العدوى بين الموبوء ومن حوله. ثانياً، الفيروس جديد وهو الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ بمستقبله، وبإمكانية السيطرة عليه طالما لا لقاح له حتى الآن. مقابل هاتين الحقيقتين هناك حقائق أخرى يُدرجها أصحاب الاختصاص تدعو لضرورة التعاطي بحكمة ومسؤولية مع هذا الفيروس، والتعامل معه كأمر واقع مع أخذ الحيطة والحذر والوقاية اللازمة دون المبالغة والإفراط في الخوف.

 

الوضع حساس ويتطلّب التعاون

نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف يتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن الفيروس الحدث، فيؤكّد أنّ الوضع حساس وجدياً في خطر، وأمامنا في لبنان أسبوعان حاسمان.  لكننا قادرون على حماية أنفسنا بالوقاية والإرشادات إذا ما طبقناها كما يجب. بالنسبة اليه، فإنّ المشكلة عادةً ما تكون بعدم قدرتنا على إقناع المواطنين بالتدابير التي يجب أن تُتخذ، خصوصاً أنّ الظرف الاجتماعي لدينا في لبنان يختلف عن الظروف الاجتماعية الموجودة في بلدان أخرى لناحية تبادل الزيارات الاجتماعية، والسلام وغيرها من الأمور التي قد تُحدث في هذه الأيام ضرراً، ما يُحتّم علينا ضرورة التقيد بالإرشادات التي تصدرها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وهنا يستغل أبو شرف الفرصة للإشارة الى أنّ ما تقوم به الوزراة مهم جداً، ورغم كافة الانتقادات التي تطالها، فيجب أن لا ننسى الإمكانيات الموجودة لدينا والمحدودة، ورغم ذلك فإنّ الوزارة تتعاون مع كافة المعنيين وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية. يُشدّد أبو شرف على أنّ يد بمفردها لا تصفّق، علينا التضامن والتعاون للخروج من الأزمة، والا فإن التداعيات علينا ستكون كبيرة جداً.

يعود نقيب الأطباء للتأكيد أنّ المشكلة ليست في إرشادات وزارة الصحة، فكل التدابير والارشادات اذا لم يلتزم بها المواطنون لا تؤتي أكلها. على المجتمع الأهلي أن يساهم في التوعية، فنحن لسنا بلداً ديكتاتورياً بل ديمقراطياً، ومن هنا تبرز ضرورة التوعية للحد من الإصابات. فعلى سبيل المثال، إذا ما برزت أي عوارض على أي مريض، فعليه أن يستخدم فوراً الكمامة لمنع انتشار العدوى لغيره عبر السعال أو الرذاذ.

ويلفت أبو شرف الى أنّه ومنذ اندلاع الأزمة، فإنّ النقابة تواكب كافة التطورات التي تحصل مع كل المعنيين، وخاصة منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة، حتى على جميع الصعد الإعلامية والطبية. كما أنّ الجمعيات الخاصة تقوم بمجهود كبير من خلال المحاضرات والإطلالات الاعلامية لإعطاء صورة واضحة عن المرض وطرق الوقاية والعناية. بالنسبة لأبو شرف إذا لم تتعاون كل الجهات لمحاصرة هذا الفيروس، سنكون أمام أزمة كبيرة، وسط مخاوف من توسع رقعة انتشاره.

 

تدابير وزارة الصحة مسؤولة

وينظر نقيب الأطباء الى الهلع الحاصل بمنظار إيجابي، فالخوف والهلع ضروريان في مكان ما لتقوية الوقاية وأخذ الحيطة والحذر، وهذا أمر ضروي جداً، اذ علينا عدم الاستهانة كي لا نصل الى الكارثة. وفي المقابل، يرى أبو شرف أنّ التدابير التي اتخذت رسمياً هي تدابير مسؤولة سواء في المطار أو المعابر الحدودية التي وزّع عليها حوالى 250 طبيب وطالب، بالإضافة الى ممرضات تأهّلوا كي يكون لدينا رقابة مشدّدة على الوافدين. التعاطي الرسمي مسؤول رغم تأخّرنا قليلاً في البداية. ويأمل أبو شرف أن نخرج من هذه الأزمة في الأيام القليلة القادمة، موضحاً أننا لا زلنا في دائرة الخطر، ولذلك نشدّد على أخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار بكل جدية.

ويُطالب أبو شرف بعدم الاكتفاء بمستشفى بيروت الحكومي لمعالجة المرضى، بل يجب أن يتم استحداث عدة مراكز بكافة المناطق من الجنوب الى الشمال مروراً بالبقاع وجبل لبنان. بالنسبة لأبو شرف فّإنّ المستشفيات الحكومية موجودة وما علينا الا تحضيرها لاستيعاب كميات أكبر. كما يدعو الى تعميم التجارب الموجودة في بعض الدول لناحية حضور الأطباء الى المنازل وعدم الذهاب الى المستشفيات، خصوصاً اذا لم تكن الحالة مستعصية لأن لا علاج ولا لقاح حتى اللحظة. ويؤكّد نقيب الأطباء أنّ 80 بالمئة من الحالات التي تصاب بـ”كورونا”

تمر كأي رشح عادي. 15 بالمئة يصبح لديها عوارض، و5 بالمئة فقط تحتاج الى العناية المركّزة، مشدداً على أهمية التزام المواطنين القادمين من المناطق الموبوءة بمسألة الحجر الصحي، كما يطلب من الاعلام مقاربة القضية بموضوعية لدفع عامة الناس الى التقيد بالارشادات الصادرة عن وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

 

الفئة العمرية الأكثر عرضة للوفاة

المتخصّص بالأمراض الجرثومية البروفيسور جاك مخباط يستهل حديثه لموقعنا في البداية من أمر بات معروفاً للجميع تقريباً لجهة أنّ فيروس “كورونا” هو فيروس يضرب الجهاز التنفسي، ويتميّز بسهولة انتشاره نظراً لأنه ينتقل عبر الرذاذ والعطس أو عبر اليدين، والسعال. لنفترض أنّ  أحد الأشخاص  “سعل” على كتاب أو طاولة، فإنّ هناك سهولة لعدوى الأشخاص الآخرين. لكنّ مخباط ورغم حراجة الوضع وخطورته يُسلّط الضوء على بعض الحقائق التي تدعو لعدم المبالغة في الخوف، اذ إن أكثر الحالات التي تُصاب بفيروس “كورونا” الجديد تكون حالات خفيفة جداً. 80 بالمئة من الاصابات تمر وتعبر كالزكام العادي. 10 الى 15 بالمئة من عدد الإصابات تحتاج الى معاينة طبية، و5 بالمئة يحتاجون للدخول الى الحجر.

وبحسب الدراسات الحديثة والاحصاءات فإنّ 2 الى 3 بالمئة معرضون للوفاة. وهنا يشير مخباط الى نقطة هامة قد نجهلها أنّ الأطفال دون الـ16 عاماً لا تظهر عليهم أبدا عوارض مرضية أو إصابات بـ”كورونا” حتى أننا لا نعلم أنهم يصابونا. ما مدى دقة هذا الأمر؟ يجيب المتحدّث بالاشارة الى أنّ مختلف الدراسات الصادرة عن الصين تفيد ذلك، مع تركه الباب مفتوحا لاحتمالية تسجيل إصابات في هذه الفترة العمرية نتيجة أمراض معينة، مع لفت الانتباه الى أنّ الأطفال دون السنة معرضون بطبيعة الحال لأن مناعتهم قليلة. أما الفئة العمرية من 20 الى 50 فتسجّل حسب مخباط إصابات خفيفة جداً. وحين يتعدى الشخص سن الستين وما فوق يصبح أكثر عرضة لتملك الفيروس به خصوصاً اذا تعدى عمره الثمانين أو كانت لديه أمراضا مزمنة. عندها تكون خطورة الإصابة مميتة لأن هؤلاء الأشخاص قد يعانون من قصور تنفسي إجمالا.

 

نسبة الوفيات قليلة مقارنة بفيروسات أخرى

ويؤكد مخباط أن الخوف من هذا الفيروس هو أمر منطقي، فنحن أمام فيروس حديث لم نعرفه من قبل، بدأ في الصين ومن ثم انتشر في أنحاء العالم. المخاوف ليست مستغربة نتيجة سرعة انتشار العدوى التي تنتقل عبر النفس وهذا الأمر خطير جداً، خصوصاً أننا لا نستطيع التكهن حتى اللحظة بمدة بقائه في العالم. ولكنّ مخباط في المقابل يشدد على عدم تحويل الخوف الى فوبيا، ويدعو الى ضرورة عدم المبالغة في الهلع. وفي السياق، يُجري مقارنة بين نسبة الوفيات التي تقضي جراء “كورونا” ونسبة الوفيات التي شهدتها أوبئة أخرى. نسبة الوفيات جراء الفيروس الجديد تبلغ 2 الى 3 بالمئة. أما “السارس” الذي ظهر عامي 2002-2003 فإنّ نسبة الوفيات به بلغت 10 بالمئة، وهي تتخطى بأضعاف نسبة الموتى جراء كورونا. وكذلك الأمر بالنسبة لـ”ميرس كورونا” حيث بلغت نسبة الوفيات 30 الى 40 بالمئة، ما يجعلنا الى القول إنّ نسبة الوفيات جراء فيروس “كورونا” أقل بكثير من نسبة الوفيات جراء أوبئة أخرى ظهرت في العالم.

 

بعض الوصايا

يتحدّث المتخصّص بالأمراض الجرثومية عن طرق الوقاية، فيوصي بضرورة أن نكون جديين وأن لا نهلع. يجب أن لا نرتعب من هذا الفيروس، فالجهل يولد الخوف والرعب. ظاهرة “الماسكات” التي بتنا نراها بكثرة في الكثير من الأحيان لا طائل منها. هذه “الماسكات” مهمة للذين تظهر عليهم عوارض. جُل ما علينا القيام به هو غسل اليدين بكثرة واتخاذ التدابير اللازمة عند السعال أو العطس، والالتزام بوصايا وزارة الصحة، خصوصاً لجهة الحجر المنزلي، فتلك مسؤولية وطنية وشخصية. علينا أن لا نعرّض الآخرين للخطر، وعندما يتطلّب الأمر، أو تظهر أي عوارض كحرارة مرتفعة، ضيق تنفس، وجع بالحنجرة، سعال جاف، عوارض رشح، خاصة من أولئك الذين أتوا من البلدان الموبوءة، عليهم المسارعة لإجراء فحص الحنجرة.

ويختم مخباط حديثه بالتأكيد أن الشفاء من هذا الفيروس ممكن جداً، والأهم أخذ الوقاية اللازمة منعاً لانتشار العدوى، وحماية كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

 

التعليقات مغلقة.