saadahnews

لجنة تحقيق لمحاسبة المتورطين في نهب المساعدات الخارجية وإحالتهم إلى الأجهزة المختصة

على إثر الشكاوى والبلاغات التي وصلت إلى مكتب رئاسة الجمهورية بشأن الفساد والتلاعب في توزيع المساعدات الإغاثية من قبل عاملين في مجال الإغاثة والمعونات الخارجية ، وحرمان المستفيدين منها بعد تزوير بصماتهم ، شكل مدير مكتب رئاسة الجمهورية لجنة باشرت التحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين في عملية الفساد والتلاعب.

وأجرينا تحقيقا موسعا حول آليات صرف المساعدات وما يرافقها من عملية تزوير للبصمات ، وعن تورط منظمات محلية تعمل مع برنامج الأغذية في اليمن.

عمليات الفساد التي تكشفها الوثائق التي حصلنا عليها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك عمليات نهب وتلاعب بالمساعدات الإنسانية التي توزع على المحتاجين والفقراء كمساعدات إغاثية.. إلى التفاصيل:

في تمام الساعة العاشرة وتسع دقائق من صباح يوم الأحد الموافق 23 /12/ 2018م وصلني اتصال من برنامج الغذاء العالمي ودار بيني وبين المتصل حوار هذه تفاصيله ( الووووه السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الأخ أحمد علي محمد. نعم مرحبا من معي: معك برنامج الغذاء العالمي. قلت له: حياك أهلا وسهلا. سألني: متى آخر مرة استلمت غذاء من عندنا؟ قلت له: من أين؟ قال: من المنطقة اللي أنت فيها بنوزع سكر وزيت وبر. قلت: والله ما قد استلمنا حاجة هي مرة واحدة قبل سنة أو سنتين فقط. قال: لااا . قلت والله قال: شكرا لك إحنا نتأكد ليش ما تستلموا. قلت له: تمام وايحين تدوا لنا ذلحين. قال: والله المفروض أنكم تستلمون شهريا لك سنة المفروض شهريا تستلم كن راجع نفس المنطقة ودور على اسمك في الكشوفات فيه واحد شكله استلمها بدالك. قلت له: لااااا . قال إيه. قلت له: وذلحين ما نفعل لا أين نجي من نسأل: قال لنفس المنطقة اللي أنت فيها اللي تستلم. قلت له : سعوان احنا في سعوان. قال: اذا شوف سعوان اين بيوزعوا البر والدقيق ودور في الكشوفات على اسمك هناك. قلت له: تمام، وذاالحين ما تفعلوا انتوا. قال: ما نفعل شي نلغي الاسماء اللي ما استلمت. قلت له: لاااا. قال إن شاء الله على شان لا يسرقوكمش إن شاء الله با نبعدها. قلت له : لا يسرقوناش: لالا ثبتوا أسامينا ونستلم من عندكم. قال: لا مافيش من عندنا مش احنا فاتحين مخازن شكرا على تعاونك معنا يا استاذي. قلت له: تمام).. انتهت المكالمة.

بعد الاتصال مباشرة ذهبت للبحث عن مراكز توزيع السلال الغذائية في منطقة سعوان لعلِّي أجد الخيط الأول.

هناك وجدت مركز توزيع لبرنامج الغذاء العالمي بمدرسة الشهيد (عادل إسحاق) وجدت مدير المركز معاذ الرحبي، سألته وعلى الفور أخذ تلفونه للبحث عن اسمي حيث لديه برنامج خاص بأسماء الحالات المدونة لديه في المحمول ولم نجد اسمي. خرجت من هناك وكثير من التساؤلات والشكوك والظنون مازالت تتوافد وتملأني.

في ذلك اليوم ذهبت إلى الصحيفة. عرضت التسجيل الصوتي على الأستاذ رئيس التحرير وطالبته بإجازة المقالة التي كتبتها عن موضوع الاتصال. على الفور قال: لا داعي للمقالة ستقتل الموضوع، وكلفني بإجراء تحقيق استقصائي عن القضية . وفي اليوم الثاني انطلقت إلى مقر برنامج الغذاء العالمي في منطقة عصر، فلم يسمحوا لي بالدخول حيث لديهم نظام معين في البوابة أن تكتب طلباً عما تريد وتقدمه وتأتيك الموافقة فيما بعد.

أنا طبعاً كصحفي قدمت طلباً برغبتي في إجراء مقابلة صحفية مع مدير البرنامج وإلى الآن لم يصلني الرد بالموافقة من عدمها.

المهم تطورت الأمور وبدأت القضية تنكشف وبدأ الناس يكتبون في الفيس ووسائل التواصل الاجتماعي وهناك وسائل إعلام بدأت تنشر عن الموضوع، ونحن ما زلنا نحقق في القضية ونستقصي الأمر وما حصلنا عليه لم يكن في الحسبان، حيث اكتشفنا أن المسألة ليست في منطقة سعوان -حسب ما ظننت بعد ورود الاتصال- الأمر تعدى ذلك وصار مرتبطا بمؤسستي “مؤسسة الثورة”، حيث أكد لي مجموعة من الزملاء أنهم تلقوا اتصالات من برنامج الغذاء ابلغوهم ما أبلغوني وتأكدنا عندما طابقنا الرقم وإذا به نفس الرقم الذي اتصل بي من البرنامج الذي أكد لنا برنامج الكاشف في التلفون أنه يخص برنامج الغذاء العالمي في صنعاء. حاولنا التواصل مع هذا الرقم للاستفسار والاستيضاح فوجدنا صعوبة في ذلك لكن أحد الزملاء استطاع أن يصل إليهم بطريقته. هاتفناهم أنا وهو ودار بيننا حوار خلاصته أن تعالوا إلى البرنامج وقدموا شكوى بذلك.

وبعد تكثيف العمل والتواصل توصلنا إلى المتصل من برنامج الغذاء العالمي وهو عمار الذبحاني مدير الرقابة والتقييم ببرنامج الغذاء العالمي، وعبر التلفون حددنا موعدا للقاء في اليوم التالي، فالتقينا ودار بيننا حوار طويل وهناك وجدنا الكارثة الحقيقية وهي أن هناك كشوفات بأسماء من مؤسسة “الثورة” لشهر نوفمبر الماضي 2018م عن استلامهم حالة غذائية متكاملة وهو الذي لم يحدث مطلقاً.

الإخوة في برنامج الرقابة والتقييم أكدوا أن هناك جهة أو أشخاصاً يقومون بالاستلام عن الموظفين وبأسمائهم كحالة شهرية طوال العام وأن المسألة لا تقتصر على موظفي مؤسسة “الثورة” فقط بل الأمر تعدى ذلك ليشمل مؤسسات ووزارات الدولة الأخرى!!

وفي نفس اللقاء مع مدير الرقابة والتقييم برنامج الغذاء العالمي طلب مني أن أعطيه بعض الأسماء من الزملاء بعد أن أراني الكشف الذي تضمن اسمي لشهر نوفمبر مستلماً مبصماً جاهزاً، فذكرت له بعض الأسماء من الزملاء الذين أخبروني أنه تم التواصل بهم وأسماء عشوائية أخرى لم يتم التواصل بأصحابها فوجدنا الكارثة أيضاً مبصمين جاهزين مستلمين لنفس الشهر نوفمبر2018م في الوقت الذي لم يصلهم أي شيء من ذلك!! .

“الثورة” حصلت على نماذج من تلك الكشوفات حصرياً مرفقة بالتحقيق ومنشورة هنا مضمونها من أعلى الكشف الجمهورية اليمنية وزارة التربية والتعليم. مشروع التغذية المدرسية والإغاثة الإنسانية. مشروع الإغاثة رقم 201058. كشف توزيع المساعدات للأسر المستفيدة والمقدمة من برنامج الغذاء العالمي لشهر نوفمبر العام 2018م.الأمانة مركز التوزيع / مركز الوحدة رقم الفريق/ 1، كما أن الكشف يبين الكميات التي يتم صرفها وهي حسبما ورد في الكشف على النحو التالي:

كيس ونصف بر وعلبتا زيت و10 كيلو بقوليات و2.5 كيلو عدس و5 كيلو ملح .التوقيع بصمة واحدة لشخص واحد من أعلى الكشف إلى أدناه.

ما أكدوه لي في برنامج الغذاء العالمي أنه يتم الاستغلال والسرقة باسم موظفي الدولة وعلى رأسهم موظفو مكتب رئاسة الجمهورية وعدة جهات أخرى منها وزارة الاعلام وغيرها وطلبوا مني في البرنامج إحضار كشف بأسماء موظفي “الثورة” لمقارنته مع الكشوفات التي بحوزتهم ومعرفة نسبة الاسماء التي تم تضمينها في الكشف المسروق.

ثم تبين لاحقا أن أمانة العاصمة أحالت الموضوع إلى وحدة النازحين في الأمانة. وطالب رئيس وحدة النازحين بضرورة تسليم الكشوفات إلكترونيا في صيغة “إكسل “حتى تتسنى لهم المراجعة والتدقيق وأن الكشوفات الورقية لا تكفي ‘وبعد متابعات حثيثة تم صرف 150 حالة سلة غذائية عبارة عن كيس بر وحبة زيت فقط لعدد 150 موظفاً ‘ ثم 50 سلة، ثم 100، أي بإجمالي 300 سلة غذائية منذ شهر يناير 2018م الى الآن.

وبتاريخ 6 /8/ 2018م. وجهت مؤسسة “الثورة” مذكرة للأستاذ حمود عباد تضمنت طلبا باعتماد 600 موظف ضمن كشوفات المساعدات العينية الممنوحة من برنامج الغذاء ‘ وقام أمين العاصمة بإحالة المذكرة إلى رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية ووكيل الأمانة للشؤون الاجتماعية ولم يتم صرف أي سلة غذائية لا من وحدة النازحين ولا من غيرها.

يتبين من خلال ما تقدم أن مساعدات موظفي مؤسسة “الثورة” لأحد عشر شهرا وبعدد سبعمائة سلة غذائية ووفقا للمواصفات الواردة في كشوفات برنامج الغذاء العالمي تم التلاعب بها من قبل القائمين على مشروع الغذاء المدرسية ووحدة النازحين. وحسب معلوماتنا فإنها قد بيعت في أمانة العاصمة وفي غالبية الأحيان كان يتم بيعها لنفس الجهة المانحة لإعادة توزيعها لمستحقين آخرين.

وحيث أن المتورطين قد أقروا في مكالمات هاتفية مسجلة بأنهم فعلوا ذلك بحجة أنها خصصت لجهات وأغراض أخرى فإنهم يكونون قد ارتكبوا جرائم فساد وفقا لأحكام القانون التي تتمثل في الكذب والتزوير وإساءة استخدام وظائفهم. وكانت هذه الممارسات مجرد سرقات ونهب لمساعدات خصصت للمحتاجين والفقراء والمعدمين والموظفين الذين انقطعت مرتباتهم بسبب العدوان والحصار.وهذا أيضاً بلاغ للناس وللنائب العام ولهيئة مكافحة الفساد ولرئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولرئاسة الجمهورية وإلى مكتب قائد الثورة ولكل من يهمه الأمر.

“الثورة” تحتفظ بكل الوثائق والتسجيلات والأدلة التي نشرت في هذا التحقيق.. وبالله التوفيق.

التعليقات مغلقة.