saadahnews

العيد ومظاهر البذخ

أحمد يحيى الديلمي

العيد مناسبة عظيمة ومحطة إيمانية صادقة أرادها الله سبحانه وتعالى أن تكون مناسبة للفرح بعد انقضاء فريضة الحج، كما هو حال رمضان فقد جعل الله العيد بعده كمتنفس للفرح والترفيه على النفس، وكذلك عيد الأضحى فإنه يأتي للتطهر وزيادة فاعلية العودة إلى الله سبحانه وتعالى كاستمرار لتأثيرات الحج التي تزكي النفوس وتقوَّم السلوك .

لقد عشنا في الزمن الماضي أيام الأعياد وجعلناها مناسبة للفرح فعلاً ولكن بإمكانيات بسيطة محلية وغير مكلفة، من منا لا يذكر كيف كانت الأمهات تجهز القليّ وأنواع الخبز والكعك محلياً وبتكاليف بسيطة، أما اليوم فقد تحول الأمر إلى مشقة وعناء بالذات على الفقراء والمساكين، والأضحى هو عيد النحر تقليداً لسلوك إيماني عظيم كرسه نبي الهداية إبراهيم عليه السلام عندما همَّ بذبح ابنه إلا أن الله دفع عنه ذلك الإقدام وتلك التضحية العظيمة وفداه بذبح عظيم كما جاء في القرآن الكريم، وهكذا جاء الحج ليمثل مواقف تخليداً لما قام به نبي الله إسماعيل عليه السلام وما صنعته أمه هاجر خاصة بعد أن نبع ماء زمزم واستجاب الله لدعوتها وتحول إلى نهر في تلك الصحراء القاحلة، إذا كل ما نقوم من أعمال الحج من الطواف والوقوف بعرفة تقليد لما قام به الأنبياء عليهم السلام من قبلنا، بقي الشيء الأخير وهو الأهم وهي مظاهر الاحتفالات بالعيد في البلدان الإسلامية غير مكة أو المدينة المنورة، فكما قلنا المناسبة عبادية في المقام الأول ومحطة للفرح وليست محطة للإنفاق والبذخ كما يحدث اليوم وفيها تنتشر المحبة ويزداد التآلف بين الناس، إلى جانب الزيارات وتفقد الأرحام والأهل والأصدقاء .

ما يجري اليوم يجعلنا فعلاً نتأسف لأن العملية تحولت إلى نوع من البذخ والإسراف والتبذير، تخيلوا أننا أحصينا في أسواق صنعاء (1300صنف) من الشوكولاته تم استيرادها من كل أصقاع الأرض حتى من أمريكا الجنوبية وكذلك الزبيب، وحتى العتر والقلى (الفول) أصبحنا نستوردها من الخارج كلها، كما نستورد الثوم والبسباس وبقية الأشياء التي نحتاج إليها، أليس الأمر مدعاة للسخرية، أننا في يمن الإيمان والحكمة في بلد الزراعة والخير البلدة الطيبة أصبحنا نستورد كل شيء، ليس بعقل أو بطريقة تسد الفراغ فقط بل ببذخ وإسراف كبيرين كأننا لسنا في حصار ونواجه عدواناً شرساً، الكل يعرضون بضاعتهم، ويستوردونها من كل دول العالم على حساب العملات الصعبة وعلى حساب مدخرات البلاد، لماذا كل هذا الجنون !؟ أين ذهبت العقول !؟ كان أن قامت بعض الفتيات بعمل بعض أنواع الشوكولاته التي لا تقل شأناً عن ما يُستورد التجار من الخارج، إلا أنهن توقفن لعدم وجود الدعم والرعاية من الجهات ذات العلاقة، كنا نعتقد أن بعض المؤسسات التي تأسست مؤخراً جاءت لدعم المنتجات المحلية الزراعية والصناعية وإذا بها تتحول إلى ظاهرة صوتية، وتحولت معها مزارع الدولة إلى يباب رغم أنها مزارع فيها كل مقومات الإنتاج ، لماذا هذا التحول؟ وهل هناك أياد خفية تعمل على تثبيط الهمم وتشويه الزراعة؟ المصدر الوحيد لعيش اليمنيين على مر العصور، إنها بالفعل مأساة ومظاهر تستحق التوقف أمامها طويلاً، بل والحساب العسير وإنزال العقاب لكل من يتسببون في هذه الأعمال حيثما كانوا في الهند أو اليمن، الجميع لابد أن يحاسبوا فاليمن لا تستحق هذه الأعمال غير السوية والمخالفة لأبسط قيم الدين والانتماء إلى الوطن .

أكتفي بما أسلفت، وأقول للجميع عيد مبارك وكل عام وأنتم بألف خير وسلامة، والله من وراء القصد ..

التعليقات مغلقة.