إغراق سفينتين بالكامل في يومين.. ما الرسائل والدلالات؟
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى في أكتوبر 2023م، أصبح البحر الأحمر والعربي ساحة هامة لليمن لمحاصرة كيان العدو إسناداً لغزة، فقد أكدت القوات المسلحة اليمنية أن الحصار لن يتوقف إلا بتوقف العدوان ورفع الحصار عن القطاع.
وأثبتت الوقائع أن استهداف القوات المسلحة لم يقتصر إلا على السفن المخالفة لقرار الحظر اليمني، الذي فرض حصاراً على الملاحة الصهيونية وعلى السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحر الأحمر، وتحديداً إلى ميناء “أم الرشراش” الذي يطلق عليه العدو تسمية “إيلات” جنوبي فلسطين المحتلة.
ويشكل إغراق السفينتين “ماجيك سيز” و”ETERNITY C”حدثًا فارقًا في المعركة، وله أثر كبير على كيان العدو الإسرائيلي وحلفائه في المنطقة، فهذا الإغراق يمثل انتقالاً من استراتيجية الاستهداف الجزئي إلى استراتيجية “الإغراق الكامل”، وستكون له تداعيات كبيرة على الأعداء.
كل قراءات الأعداء تؤكد أن السفينتين كانتا تتعاملان مع كيان العدو الإسرائيلي، ولم تستجيبا للتحذيرات اليمنية، في حين ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن السفينة “ماجيك سيزMagic Seas” كانت تحمل شحنة تجارية ضخمة، وتم استهدافها بصاروخ موجه من اليمن، ما أدى إلى انفجار عنيف واندلاع النار في الحاويات، موضحة أنه تم إجلاء الطاقم فوراً بعد الاستهداف مباشرة.
وتنقل صحيفة “الواشنطن بوست” عن القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) قولها إن عملية الإغراق تمثل “تجاوزًا خطيرًا للخطوط الحمراء”، إلا أن هذا لا يعني مضي واشنطن وحلفائها في التصعيد مجددًا ضد اليمن، على الأقل في الوقت الحالي، لأنها تعلم مدى التطور الذي وصلت إليه قدرات القوات المسلحة اليمنية، وبالتالي فإن التصعيد سيكون فاشلًا بحسب الصحيفة.
ومنذ مشاركة اليمن في عملية إسناد غزة، تؤكد القوات المسلحة اليمنية أنها لا تستهدف الملاحة في البحر الأحمر، وإنما تستهدف فقط السفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، ولذلك نجد السفن التجارية لدول العالم تعبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب بسلام، دون أن يتم اعتراضها أو إطلاق النار عليها، ولهذا جاء استهداف هاتين السفينتين نتيجة انتهاكهما قرار الحظر اليمني.
لا نتوقع تصعيدًا أمريكيًا جديدًا في البحر الأحمر، فواشنطن لديها تجربة سيئة في عدوانها على اليمن والاشتباك مع القوات البحرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي، وقد تعرضت حاملات الطائرات، وأبرزها [هاري ترومان]، للقصف المتواصل، وكادت أن تغرق لو لم تتدارك نفسها في اللحظات الأخيرة، وتقرر واشنطن إيقاف العدوان على اليمن.
ويعتبر محللون عسكريون في مجلة “Jane’s Defence Weekly” أن هاتين العمليتين تمثلان نقطة تحول في القدرات البحرية للقوات المسلحة اليمنية، حيث إن استخدام صواريخ موجهة دقيقة يدل على تطور نوعي في القدرات.
ويقول خبير في معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن: “يظهر غرق السفينة أن اليمنيين لديهم القدرة على الاستهداف في الوقت الحقيقي، والقدرة على اختيار السفن وتدميرها متى شاءوا”.
اقتصاديًا، فإن استهداف السفينتين قد أحدث العديد من التأثيرات الاقتصادية على حركة الشحن البحري، ومن ذلك ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين، حيث ارتفعت أسعار التأمين على السفن العابرة للبحر الأحمر بنسبة 600% خلال أسبوع واحد. وقد أعلنت بعض الشركات البحرية مثلMaersk وEvergreen تعليقًا مؤقتًا لكل رحلاتها عبر مضيق باب المندب. وبدورها، ذكرت بلومبيرغ أن هجوم “ماجيك سيز” يوجه ضربة بقيمة 1.2 مليار دولار لمسارات التجارة في البحر الأحمر.
وتعد سيطرة اليمن على البحر الأحمر ومضيق باب المندب ورقة الضغط الرابحة التي يمكن من خلالها مواصلة الضغط على كيان العدو الإسرائيلي وداعميه لإيقاف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وتشير صحيفة “الجارديان” إلى أنه مع وصول “السفن السحرية” الآن إلى قاع البحر الأحمر، فإن الرسالة القادمة من اليمن لا لبس فيها: “يمكننا إغلاق أبواب التجارة العالمية إذا لزم الأمر”.
لقد مثلت حادثة إغراق سفينتيMagic Seas و”ETERNITY C” نقلة نوعية في المواجهة البحرية بين اليمن من جهة، وكيان العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة والتحالف الغربي من جهة أخرى، وأحدثت أثرًا اقتصاديًا كبيرًا، كما أثبتت أن البحر الأحمر أصبح رسميًا ساحة صراع عسكري وجيوسياسي مفتوحة بين الحق والباطل. وهذا الصراع بات يهدد مصالح دول تجارية كبرى إذا لم تكن هي المنفذ والمباشر لكل عمليات الإبادة الجماعية الممنهجة بحق إخواننا في غزة، فهي المساند لكيان العدو والداعم الوحيد له في كل ما يرتكبه من جرائم وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.
التعليقات مغلقة.