العواصف تكشف هشاشة الملاجئ.. نازحو غزة بين خيام ممزقة وغياب البدائل

لم تكن العواصف الأخيرة التي ضربت قطاع غزة مجرد تقلبات جوية عابرة، بل تحوّلت إلى اختبار قاسٍ لصمود خيام الإيواء الممزقة التي باتت عاجزة عن حماية النازحين.

 

ففي أنحاء القطاع الساحلي تنتشر خيام من القماش والنايلون، أصبحت الملاذ الوحيد لعشرات الآلاف بعد أن دمّر جيش الكيان الصهيوني مساحات شاسعة من الأحياء السكنية خلال حرب الإبادة، تاركًا العائلات تواجه واقعًا قاسيًا لم تعرفه من قبل.

 

في مخيم عشوائي بشارع الوحدة في مدينة غزة، يقف المسن عبد الهادي أحمد، يتفقد الثقوب المتناثرة في خيمته خلال ساعات النهار، ويسابق الليل لإغلاقها مع أفراد عائلته.

 

وبصوت خافت قال لموقع”فلسطين أون لاين”، اليوم الاثنين: “إن لم نفعل ذلك سنغرق بمياه الأمطار… لم نعد قادرين على التحمل.” الخيمة الممزقة التي تؤوي 14 فردًا أصبحت الملاذ الوحيد بعد أن دُمّر منزلهم في بيت لاهيا، فيما يمنع العدو الاقتراب من منطقتهم بذريعة وقوعها خلف “الخط الأصفر”.

 

ويضيف عبد الهادي: “كل منخفض جوي نعيد تثبيت الخيمة، لكنها لم تعد صالحة حتى للاحتماء لدقائق.” ويتساءل عن أسباب عرقلة إدخال مواد الإيواء: “ألم يكفهم تدمير بيوتنا؟ لماذا يمنعون عنا الخيام الجديدة؟”

 

وتشير معطيات أممية إلى أن تحكم الكيان بالمعابر يحول دون دخول عشرات آلاف الأطنان من المساعدات، بما فيها خيام الإيواء والمواد الغذائية.

 

وفي مخيم آخر داخل غزة، يحاول سامح عبد الناصر (41 عامًا) إعادة تثبيت خيمته التي فقدت سقفها في أحد المنخفضات. لم يتبقَّ منها سوى أعمدة خشبية وقطع ممزقة من النايلون.

 

ويقول: “أعرف أنها لن تحمينا، لكن ليس لدينا بديل.” سامح، الذي دمّر العدو منزله في حي الشجاعية، يعيش للعام الثالث في خيمة خلال موسم الأمطار. ويضيف: “غرقنا مرارًا.. نبحث عن مأوى يحمي أطفالي الخمسة، لكن كل الأماكن ممتلئة بالنازحين.”

 

أما محمود عايش (31 عامًا)، فيجد نفسه كل مرة أمام مهمة إعادة بناء خيمته التي تثبتها الرياح وتقتلع أعمدتها.

 

ويروي: “استيقظنا على صوت الهواء يقتلع العمود الرئيسي.. خلال دقائق كنا في العراء.” ويضيف: “الخيام لا تحمينا من البرد والمطر… نريد مأوى ينهي معاناتنا.”

 

ومع كل منخفض جديد، تعود حكايات النازحين نفسها: خيام مهترئة، أطفال يرتجفون من البرد، وعائلات تفتقر لأبسط مقومات الحياة. وبين تأجيل الإعمار وتعثر جهود الإغاثة، تبقى الخيمة — رغم كل هشاشتها — الملاذ الأخير لآلاف العائلات في غزة.

التعليقات مغلقة.