أكّد أن حكومة المرتزقة غير قادرة على الإدارة وأن استعادة سلطتها “أمر بعيد التحقق”..تقرير لجنة العقوبات يطيح بذريعة “الشرعية”: أطماع السعودية والإمارات تعبث بمصير اليمن
ضرار الطيب
من اتّفاق السويد والقرار 2452، إلى تقرير فريق لجنة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن اليمن، بات واضحاً أن المجتمعَ الدولي أسقط، وبشكل رسمي، ذريعةَ “الشرعية” التي يستظلُّ بها تحالُفُ العدوان، ففي حين تجاوز كُلٌّ من اتّفاق ستوكهولم والقرار الأممي الداعم له مزاعمَ “الانقلاب” واعترفا بالمجلس السياسي الأعلى كسلطة محلية، وهو الاعترافُ الذي طوى قائمةَ المبررات الأساسية للعدوان وألقى بها إلى مربع المفاوضات الندية، جاء تقريرُ لجنة العقوبات ليسلط الضوء على المسألة نفسها من جانب آخر، وأكّد “عدمَ أهلية” سلطات المرتزِقة لإدارة شؤون البلاد، وبالتالي فإن صفة “الشرعية” باتت خاضعة للواقع الذي أثبت بعد قرابة أربعة أعوام أن تحالف العدوان وأذرعَه المحلية ليس لديهم ما يربطهم بتلك الصفة.
تقريرُ خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، أكّد بوضوح أن استعادةَ سلطة حكومة الفار هادي في جميع أنحاء اليمن “أمرٌ بعيدُ التحقق” وأن “التناقض في المصالح المشتركة داخل التحالف يؤدي إلى تفاقم تجزئة اليمن”، وهو اعترافٌ صريحٌ بأن مسألة “الشرعية” لم تكن سوى ذريعة وهمية استخدمتها دول العدوان لغزو اليمن وتدميره وتقسيمه وتحقيق مصالحَ جيوسياسية خاصة للسعودية والإمارات، وهذا ينتقل بالمشهد إلى خارج ثنائية “الشرعية- الانقلاب” التي حاول العدوان فرضَها منذ البداية.
التقريرُ أكّد أيضاً استمرارَ “تآكل” سلطة حكومة المرتزِقة، وأنها “لا تستطيع السيطرةَ على المليشيات المدعومة من الإمارات والسعودية” وأن الفار هادي لم يتمكن من تعزيز تلك السلطة في المناطق التي يسيطر عليها تحالف العدوان، وذلك يعني “عدم أهلية” سلطة المرتزِقة لإدارة البلاد على الرغم من الدعم الدولي الذي تحظى به، وبالتالي فإن صفة “الشرعية” التي تنتحلها تلك السلطة لا تنفعها أمام هذا الفشل، بل إن تلك الصفة تسقط تماماً، بالنظر إلى الوضع الكارثي الذي أنتجته.
وسقوطُ أهلية حكومة المرتزِقة يعني بالضرورة سقوطَ كُلّ مبررات العدوان، بل إن تأكيد التقرير على فقدان السيطرة على “المليشيات المدعومة من الإمارات والسعودية” يعكس كُلّ القواعد التي حاول تحالف العدوان تثبيتها منذ أكثرَ من أربع سنوات، حيث اجتهد بشكل كبير على إضفاء صفة “رسمية” لقواته المتواجدة على الأرض، تحت مسميات “جيش وطني” و”مقاومة” إلا أن فريق لجنة العقوبات هنا يؤكّد أنها مليشياتٌ عشوائية تعمل لحسابات خاصة ولا يمكن السيطرة عليها، وهي ذات الأوصاف التي كان تحالف العدوان يحاولُ إلصاقَها على مدى الفترة الماضية بقوات الجيش واللجان الشعبية.
وفي فقرة أخرى مثلت دلالة إضافية على اندثار كافة الواجهات الدعائية التي حاول تحالف العدوان الاختباء وراءها، يلتفت تقرير خبراء لجنة العقوبات بشكل مثير إلى “الأطماع الإماراتية الخاصة” التي ظهرت في إطار “التحالف” لكنها لم تكن ضمن أهدافه المعلنة أبداً، وبالتالي فإنها تستوجب إعادة النظر في كُلّ مبررات العدوان وعلى رأسها مسألة “الشرعية”، حيث يؤكّد التقرير أن “قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية المدعومة إماراتياً تدعم تطلعاتِ الانفصال” وهو ما يناقض تماماً كُلّ ادّعاءات تحالف العدوان وسلطات المرتزِقة بـ “الحفاظ على وحدة اليمن”.
ولا توضح فقرات التقرير الأممي سقوطَ شعارات ومبررات العدوان ومرتزِقته فحسب، بل تؤكّد أن المجتمع الدولي قد تجاوز تلك الشعارات بشكل رسمي، وأن المشهد السياسي الجديد بات يتضمن أبجديات جديدة، فرضها الواقع الذي فشل فيه تحالف العدوان والمرتزِقة بشكل كامل، وقد بدا ذلك التجاوز بشكل واضح في اتّفاق السويد الذي مثل نصه سقوطا جليا للقرار الدولي 2216، ثم جاء القرار 2452 ليثبت الاتّفاق ويؤكّد سقوط القرار السابق، وقد شكل ذلك ضربة مباشرة حاول تحالف العدوان أن يتفاداها خلال الفترة الماضية عن طريق إثارة تفسيرات غير منطقية لنص الاتّفاق والقرار الداعم له، ثم التهرب من تنفيذ الاتّفاق؛ بناءً على تلك التفسيرات المغلوطة، لكن كُلّ ذلك لم يفلح في إعادة المشهد إلى ما قبل السويد، وتقرير فريق لجنة العقوبات دليل بيِّنٌ على ذلك.
وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة التي تقومُ بها سلطاتُ المرتزِقة في سبيل رفض تجاوز الخطاب الدولي لـ “شرعيتها”، أَوْ ربما رفض إدراك ذلك، إلا أنها تصطدم بواقعها كسلطة وهمية فاقدة للتأثير بشكل كامل، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في بيان لخارجية الفار هادي قبل أيام، أعلنت فيه عن “تحفظها” على نتائج الاجتماع الذي نظمته وزارة الخارجية الألمانية في برلين والذي حمل شعار “الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى حول عملية السلام وآفاق الاستقرار في اليمن”.
خارجية المرتزِقة قالت إن الاجتماع تم دون التنسيق معها، وحاولت في البيان أن تشير إلى أنها “حكومة معترف بها دوليا” في خطاب عاجز يوضح انعدام حيلة صاحبه أمام المواقف الدولية الجديدة، كما يوضح استشعار حكومة المرتزِقة لما تحمله تلك المواقف من إسقاط لوجودها كسلطة حاكمة، ناهيك عن وجودها كمبرر لاستمرار العدوان.
التعليقات مغلقة.