saadahnews

السعودية بعد عام على حكم سلمان: عجز وسفك للدماء

تحتفل الصحف السعودية بمرور عام على تولي سلمان بن عبدالعزيز الحكم في المملكة، منذ 3 ربيع الثاني 1436 هجري. وتهافتت صحف المملكة في الاحتفاء بالمناسبة، تعبيراً عن تجديد “البيعة” والطاعة لملك تؤكد التقارير الغربية أنه “غير قادر على التركيز إلا لبضع ساعات في اليوم”، وفق ما ذكر الكاتب بيل لو في مقال لصحيفة “الاندبندنت” البريطانية.

صحيفة “الحياة” السعودية أفردت تحت عنوان “عام من «الحزم» و«العزم» يصنع هوية السعودية الجديدة” عدداً من “المنجزات” التي قالت إنها تحققت منذ تولي سلمان الحكم، فيما تولت صحيفة “الشرق الأوسط”  الإشادة بميزات خارقة للملك السابع من أبناء عبدالعزيز آل سعود، وعلى سبيل المبالغة في التبجيل بالملك، وهي سياسة معتمدة من قبل صحف وكُتاب المملكة، وصفت “الشرق الأوسط” سلمان بن عبدالعزيز بأنه “مؤسس للدولة السعودية الرابعة”! على موقعها الالكتروني، خصصت “عكاظ” صفحتها الأولى لنشر صورة الملك تحت عنوان “سلمان قلب الشعب والأمة” مستعرضة حروب من وصفته بـ “ملك الحزم” من اليمن إلى لبنان وسوريا والعراق لإعادتهم “إلى الحضن العربي”.

ونشرت الصحيفة ملفاً بعنوان “البيعة” أفردت فيه تقارير تمدح الملك، وبيانات لأمراء المناطق جددت فيه بيعتها للملك… العناوين نفسها إلى جانب صور الملك طغت على صفحات صحف: “الرياض” و”سبق” و”الوطن” و”اليوم” و”الشرق” السعوديين.

هكذا صاغت الصحف “السعودية” روايتها لـ “الإنجازات” الملكية، في مملكة يُجرم فيها انتقاد السلطة، فيعتقل المغردون وتُقطع رؤوس المطالبين بالإصلاح… ماذا عن رواية من لا يحكمهم وجوب طاعة “ولي الأمر”؟
تصفية الخصوم… وخروج أمراء “آل سعود” عن الطاعة

قبيل دفن أخيه الملك عبدالله كان الديوان الملكي أعلن عن حزمة قرارات وُصفت بأنها انقلابية على العهد السابق، قضت بتعيين محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً لولي لعهد، وتعيين نجله محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع، عزل خالد التويجري المقرب من متعب بن عبدالله. لم تدم هذه القرارات طويلاً حتى تم اعفاء مقرن بن عبدالعزيز من منصبه كولي للعهد، فأسند المنصب لـ “بن نايف”، وتولى محمد بن سلمان منصب ولي ولي العهد. هكذا ضمن الملك لابنه مكاناً في انتقال الحكم من الجيل الأول إلى الجيل الثاني، في ظل تنافس محموم لم يتم حسمه حتى اليوم، بسبب غياب آلية الانتقال.

مثّلت قرارات سلمان بن عبدالعزيز قطعاً نهائياً مع عهد سلفه، الذي سعى إلى رسم خارطة طريق تمّكن نجله متعب من الوصول إلى الحكم. وقرارات عزل أبناء سلطان وبندر سرعان ما برهنت أنه لا يمكن التعويل على الآمال بعودة قوة الجناح السديري للحكم. ووهو الجناح الذي ينتمي له سلمان والذي تعرض إلى تهميش في عهد سلفه. سياسات العزل والتهميش شملت أبناء عبدالله بن عبدالعزيز إلا أنها عززت من مكانة بن نايف، وفتحت باب الحكم أمام نجل الملك محمد بن سلمان، الذي يُعتبر الحاكم الفعلي للمملكة بسبب سوء الحالة الصحية والعقلية للملك الأب.

صحيفة “الغارديان” البريطانية لم ترَ في القرارات الملكية إلا “دفاعاً عن البقاء” في الحكم، وهو ما يفسر تهجم الأمير السعودي طلال بن عبدالعزيز على القرارات الملكية معلناً أنه لا بيعة ولا طاعة.

ولاقت القرارات الملكية اعتراضاً ضمن آل سعود، تحديداً من قبل أخوة الملك: احمد وعبدالاله وممدوح ومتعب وبندر تركي وعبدالرحمن، وفق ما نقل المغرد السعودي الشهير “مجتهد”.
الاستياء داخل العائلة تمظهر بعد أشهر في رسالة من جزئين تم تناقلها في بيوتات آل سعود، حرضت على عزل الملك ونجله وبن نايف.. إلا أن هذه المواقف لم تشكل عائقاً أمام استمرار الحكم، رغم ما يُسرب عن منافسة شرسة بين “المحمدين”(بن نايف وبن سلمان).

المقامرة في اليمن

ورغم إعلانه فور اعتلائه سدة الحكم أن السعودية ستواصل مسيرتها “بالأخذ بكل من شأنه تحقيق وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا” الأمة العربية والإسلامية، إلا أنه بعد شهرين من حكمه قادت السعودية حرباً ضد اليمن، لاتزال مستمرة منذ ما يزيد عن إحدى عشر شهراً، حصدت أرواح  7411 شهيداً و 13846 جريحاً حتى اليوم، ودمرت البنى التحتية اليمنية وأبرز المعالم التاريخ والدينية للبلد.

وتحت عنوان “إعادة الشرعية” لليمن، أعلنت المملكة ليل 26 آذار/مارس عن تشكيل تحالف عسكري يضم 10 دول لخوض حرب ضد اليمن، إلا أن الجهود والمنح السعودية فشلت في الاستفادة من هذه الدول. اذ تمنعت مصر وباكستان، فيما أظهرت المعارك أن المشاركة الفعلية قادتها القوات السعودية والإماراتية، وعدد من المرتزقة.

ورغم التكاليف الباهظة التي أُنفقت على حرب اليمن، إلا أن السعودية فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، كما أنها لم تتمكن حتى اليوم إلى كسب أي انجاز ميداني تطمح إليه قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات. الباحث الأميركي وصف القتال في اليمن بأنه مكلف جداً من الناحية المادية وتوقع له أن “يستمر لمدة طويلة من دون أن يأتي بنتائج واضحة”. فيما ذكرت الاندبندنت أن السعودية أحرقت المليارات على العدوان الذي تشنه ضد اليمن وحربها في سورية.

في نيسان/ مارس الماضي قالت صحيفة “دير شبيغل” إن  العملية العسكرية السعودية في اليمن فشلت في تحقيق اهدافها،وأضافت: “بعد اربعة اسابيع من الحرب ومئات القتلى تريد السعودية الان حل سياسي للصراع على السلطة في اليمن”.

أما الاندبندنت البريطانية فتحدثت أن المملكة أغرقت نفسها في “حرب وحشية في اليمن لا تبدو لها نهاية في الأفق”.

ووصف الكاتب الايرلندي باتريك كوكبرن سياسات السعودية الحالية بالمتهورة، قائلاً إنها تسعى إلى “شل العالم العربي من خلال تورطه بحروب بالوكالة في سوريا واليمن”، ونقل عن تقرير وكالة الاستخبارات الألمانية، أن “السعودية أضحت تنتهج خيارات أكثر عدوانية وسياسة محبة للحروب، كالحرب في سوريا واليمن”.

وفي تغريدات قبل أشهر عن حرب اليمن، رأى “مجتهد” أن الوقت تأخر في تدارك الموقف في اليمن، مشيراً إلى أنه لم يعد ممكناً “إيقاف الحرب إلا باعتراف بالهزيمة”، وتابع: “مر على انطلاق القصف الجوي السعودي لليمن أربعة أشهر تقريبا وهي أكثر من ضعف أطول مدة لقصف جوي دون معارك برية في التاريخ فما هي الحصيلة؟”

إرهاب الداخل… داعش في المملكة

شعارات “الحزم والعزم” التي طبلت لها الاعلام السعودي ترويجاً لحروب المملكة، بدا وأنه فقاعات إعلامية كشفتها الهجمات الإرهابية والتفجيرات التي طالت الداخل السعودي.

بتاريخ 22 أيار/ مايو الماضي استهدف هجوم انتحاري المصلين في  مسجد الامام علي بن أبي طالب (ع) في منطقة القديح في محافظة القطيف شرق السعودية، أسقط عدداً من الشهداء، وتبنته داعش.

وبعدها بأيام قليلة تحديداً بتاريخ 29 من الشهر نفسه، هز تفجير إنتحاري باحة مسجد الإمام الحسين (ع) حي العنود بالدمام شرقي المملكة، أوقع 4 شهداء ممن حالوا دون دخول الانتحاري إلى المسجد.

وفي تموز/ يوليو فُجرت سيارة مفخخة أمام نقطة تفتيش على طريق الحائر – الرياض، ما أدى إلى إصابة عنصرين من الشرطة، وسرعان ما تبناه تنظيم داعش.

وفي آب/ أغسطس تبنى التنظيم الإرهابي تفجير أبها الذي راح ضحيته شخصا بينهم 12 عنصرا في الشرطة.

وفي شهر تشرين الأول/ اكتوبر نفذ مسلحون ارهابيون هجوماً مسلحاً استهدف الحسينية الحيديرية في بمدينة سيهات شرق السعودية ما أوقع 5 شهداء. وفي أواخر الشهر نفسه، استهدف تفجير ارهابي مسجداً يعود للطائفة الاسماعيلية في نجران جنوب السعودية، ما أوقع شهيدين واصابات اخرى.

كارثة منى

يُدرج ضمن سجلات العهد الجديد فاجعة منى والتي صُنفت بالحادث الأكثر دموية في تاريخ الحج، والتي راضح ضحيتها 2121 ضحية، حسب تعداد أجرته وكالة أنباء أسوشييتد برس.

صحيفة “الاندبندنت” حمّلت مسؤولية السلطة السعودية مسؤولية الفاجعة، برغم محاولت الأخيرة إلقاء المسؤولية على عاتق الحجاج، مدعية عدم الانضباط في سلوكهم. ونقلت الصحيفة البريطانية عن شهود وجود رجال طوارئ غير مدربين، وأشارت إلى ما تردد عن إغلاق طريقين من أجل مرور أفراد في العائلة المالكة.

عجز قياسي في الموازنة السعودية

أواخر كانون الأول/ ديسمبر أعلنت السعودية عن موازنتها ليتكشف الأمر عن عجز قياسي في موازمة المملكة الغنية بالنفط، تجاوز 80 مليار دولار.

العجز القياسي كان قد استبقه بأشهر تقرير نشرته “الاندبندنت” البريطانية ذكرت فيه أن السعودية تحرق المليارات من مخزونها المالي بشكل غير مسبوق للحفاظ على سعر النفط المتدني “50 دولاراً للبرميل”، وفي نفس الوقت تلبي الاحتياجات الخاصة بالعدوان الذي تشنه ضد اليمن وحربها في سورية. وتوقعت الصحيفة يومها أن السعودية ستتضرر من سياسة إغراق السوق بالانتاج النفطي. وهي سياسة اعتدمتها المملكة لضرب الاقتصادين الإيراني والروسي، ولمنع الأميركيين من استخراج النفط الصخري.

العجز الاقتصادي دفع المملكة إلى فرض سياسات جديدة، لناحية رفع الدعم على أسعار المحروقات، وفرض ضرائب على المياه والكهرباء، وحتى اللجوء إلى فرض ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها بعد أشهر.

مسلسل الإعدامات الدموية

لم تقفل المملكة عام 2015 على فضيحة العجز الاقتصادي وحده، بل كرست ما سبق وانتقدته منظمة العفو الدولية التي تحدثت عن أن “مسلسل الإعدامات الدموية” في أعلى مستوياته منذ 20 عاماً في المملكة.

150شخصاً اعدمتهم السعودية خلال العام 2015، قبل أن تقفل عامها على جريمة اعدام 47 شخصاً كان أبرزهم الشيخ نمر باقر النمر، ما أحدث هزة على مستوى الشارع الإسلامي، وفجر أزمة بين المملكة السعودية والجمهورية الاسلامية الإيرانية.

في عهد سلمان بن عبدالعزيز الأول اختارت السعودية أن تختم عام 2015 بحفلة” فرم الرؤوس” وفق تعبير صحيفة الاندبندنت البريطانية، ما دفع صحيفة “صانداي تايمز” للقول: “لم تمر سنة كاملة حتى الآن على تولي سلمان بن عبدالعزيز منصبه لكنها تُعد من أسوأ السنوات في تاريخ السعودية”!

التعليقات مغلقة.