saadahnews

من المحاضرة التاسعة عشرة للسيد القائد: (غزوة بدر الكبرى)

مرام صالح مرشد

تحدث السيد القائد عن بقية ماحدثنا عنه بالأمس، فقال أن ممن خرجوا مع رسول الله -صلوات الله عليه وآله- إلى تلك الغزوة أدركوا أنه خرج بالحق بعد أن خرجوا وهم كارهون لذلك، ففي القرآن وفي تربية الرسول -صلوات الله عليه وآله- مايعزز روح الاستجابة لله، فوصل المسلمون إلى وادي في منطقة بدر ووصلوا في المساء، وقد سبقهم الأعداء بالوصول، فكانوا يعيشون حالة من القلق ولكنهم اتجهوا إلى الله والتجأوا إليه، فهذه هي تربية رسول الله، فأرسل الله ملائكته كمدد لهم بأضعاف من المسلمين فكان عدد المسلمين 300 وقليلاً.

فمن أهم لوازم المعركة هو: الإلتجاء الدائم إلى الله
من واقع الشعور بالمسؤولية، فالأمة بحاجة إلى الله في كل تحرك له، فعندما نتحرك بمسؤولياتنا وواجباتنا في الموقف الحق، فالله يستجيب لنا مادعيناه ويتدخل ويأتي بمدده، فقد قدم المسألة للمؤمنين حيث لو خص بها رسول الله لقال الناس إنها موجهة لرسول الله، فقد أكد الله أنه جعل المدد من الملائكة بشارة، وقال تعالى: (ولتطمئن به قلوبكم) فالطمأنينة هي من العوامل المساعدة على تحقيق النصر، لأن الإنسان إذا عاش حالة من الارتباك، يسوء عمله واداؤه، فعند الإطمئنان يكون عمل الانسان ناجح، ويأتي من الله الدعم المعنوي.

ففي الوقت الذي يشعر الإنسان ان عددهم قليل عليه ان يلتجئ إلى الله ويكون عنده احساس بالإفتقار إلى الله، فمن عزة الله وحكمته أنه ينصرهم، وعند وصول المسلمين إلى بدر أمسوا هناك تلك الليلة فكانوا بحاجة إلى الإطمئنان وأن يرتاحوا قليلاً من الوقت، فمنحهم الله السكينة والراحة، فكان من رحمة الله بهم أنه يأتيهم نعاس لا النوم العميق حتى لا يغطوا في النوم لأن المعركة تحتاج إلى وعي وانتباه، وانزل الله عليهم الغيث من المطر رحمة بهم فكانوا في أمس الحاجة لذلك الماء لأن الأعداء قد حاصروا الآبار والمياه حبن وصولهم.

فاستفادوا من المطر بأن تطهروا به لقوله تعالى: (ليطهركم به)، كذلك ليبعد عنهم رجز الشيطان ووساوسه لقوله تعالى: (ويذهب عنكم رجز الشيطان)، وقال تعالى: (ليربط على قلوبهم ويثبت أقدامهم)، ليبقى الإنسان ثابتاً، فهيأ لهم الله ميدان المعركة، وحل المشاكل، هنا تدخل الله برعايته الواسعة لمساعدة الإنسان، وهذا يعني لنا دروس مهمة: أن الله يتدخل ويساعد الإنسان، ويهيئ له الظروف التي تساعد على الإنتصار في وجه الأعداء، وكان الله جل وعلى يواكب هذه المعركة بشكل مستمر فأوحى الله وقد بدأت المعركة إلى الملائكة لقوله تعالى: (أني معكم)، (فثبتوا الذين آمنوا)، كانت وظيفة الملائكة تثبيت المؤمنين عن طريق تعزيز الروح المعنوية لديهم، حتى يحس المؤمن بأنه ليس وحيداً، لأنه من مطالب تحقيق النصر الثبات أولاً، وبالإلتجاء إلى الله يأتي النصر.

قال الله جل شأنه: (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضرب منهم كل بنان)، هنا يتجلى الدعم الكبير الذي يأتي برعب الأعداء وثبات المؤمنين، وبذلك يتشتت الأعداء، وتصبح هزيمتهم حتمية وهذا يأتي بعدة خطوات:
1) الإنطلاق في موقف الحق.
2)الأخذ بأسباب النصر.
3)الاستغاثة والالتجاء إلى الله تعالى.
فبعد هذا لا يستطيع الأعداء الثبات، ولا التقدم في المعركة، مهما امتلكوا من السلاح، والخبرات، والمهارات، وقال تعالى: (فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان)، هذا أمر وتوجيه من الله للمؤمنين أن يضربوا العدو ضربات مؤلمة، حتى لا يستطيع الاستمرار في المعركة.

هُنا يأتي السؤال لماذا يقف الله مع بعض من عباده ضد البعض الآخر؟ أليس الله هو من خلق الجميع؟
قال تعالى: (ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار)، فلا يمكن لله ألا يكون عادلاً ويقف مع بعض ولا يقف مع بعض، ولكن أراد الله أن يمنح النصر لعباده المؤمنين، وأن يلقي في قلوب الأعداء الرعب.

فلا بد ان نواجه العدو، عندما يتحرك، لا بد من التصدي له، ولا نوليهم الأدبار لقوله تعالى: (فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره)، فقد باؤا بغضب من الله، وهذا يترتب عليه عقوبات متنوعة قد يكون منها:
1) أن يخذل الإنسان.
2) أن يسلب التوفيق.
3) أن يسلب من الله المعونة النفسية.
ومأواهم جهنم والعياذ بالله (جهنم وبئس المصير)، حتى من كانوا معاصرين للرسول لانهم أول من خاطبهم الله ووعدهم بهذا، فهذه الهزيمة مسألة خطيرة، لأنها تقدم صورة مشوهة للدين، ولا يكون الاستثناء فيها إلا لحالتين: (إلا متحرفاً لقتال)، عندما تكون حركته القتالية فيها انتقال من مكان لآخر، او تكون حركته فيها كر وفر ضمن تكتيك وخطة عسكرية، وما كان أيضاً تحيزاً إلى فئة، أما الهزيمة والهروب فهو من أكبر الكبائر كما قال السيد القائد، ومن أعظم الذنوب التي تغضب الله تعالى، فعاقبتهم جهنم فعلى الإنسان أن يحذر كل الحذر ويكون من أولياء الله الصادقين.

هذا ونسأل من الله العون والتوفيق والسداد.

التعليقات مغلقة.